يعتبر التحول الرقمي أحد الأوراش المهمة التي تحظى بالأولوية ببلادنا، وقد عبر المغرب في ظل القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله من خلال مختلف البرامج والاستراتيجيات التي وضعها في هذا المجال عن رغبته القوية في تسريع عجلة الانتقال الرقمي والاستفادة من فرص التنمية التي تتيحها التكنولوجيا الحديثة للإعلام والاتصال. ومن هذا المنطلق، تراهن بلادنا بشكل كبير على التحول الرقمي لمواكبة تنزيل مشاريع النموذج التنموي الجديد باعتباره رافعة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتماشيا مع هذه الرؤية، تبذل بلادنا جهودا حثيثة من أجل إرساء بيئة رقمية آمنة، وذلك بغية كسب ثقة الفاعلين وتطوير الخدمات الرقمية حيث أن تعزيز وتوطيد الثقة لدى جميع المتدخلين من إدارات عمومية وقطاع خاص وأفراد يعد من عوامل النجاح الرئيسية.
وتعد خدمات الثقة من ضمن الآليات المتاحة المساعدة على ترسيخ الثقة الرقمية، كونها تجيب عن بعض الإشكاليات المتعلقة بالمفاضلة بين الوثيقة المادية والوثيقة الإلكترونية وتشجع بالتالي على اللجوء إلى الرقمنة. وفي هذا الصدد، نجح القانون رقم 20-43 المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعاملات الإلكترونية في إعطاء زخم جديد لتطوير الخدمات والتطبيقات الرقمية، حيث أتاح هذا الإطار القانوني، علاوة على التوقيع الإلكتروني، مجموعة أخرى من الحلول (الخاتم الإلكتروني، الختم الزمني الإلكتروني، خدمة الإرسال الإلكتروني المضمون...) التي تستجيب لمختلف الحاجيات، والتي من شأنها الرفع من منسوب الثقة وتشجيع اللجوء إلى الخدمات الرقمية ونزع الطابع المادي عن العديد من المعاملات مع الحفاظ على أثرها القانوني.
ولاستكمال هذه المنظومة القانونية، قامت إدارة الدفاع الوطني، تنفيذاً للتعليمات الملكية السامية،بإعداد مرسوم لتطبيق القانون السالف الذكر رقم 20-43. ويهدف هذا المرسوم رقم 687-22-2 إلى وضع إطار تنظيمي قادر على تشجيع استخدام مختلف خدمات الثقة المنصوص عليها في القانون، كما يحدد القواعد المطبقة على كل خدمة ثقة وفقا للمعايير الدولية المعمول بها، ويحدد نظام اعتماد وتصريح مقدمي خدمات الثقة، ويقوم أيضًا بتسليط الضوء على كيفيات التصريحات المسبقة والتراخيص لاستيراد أو تصدير أو توريد وسائل التشفير وتحليل الشفرات وكذا تقديم الخدمات المتعلقة بها.
وتتمحور الأحكام الرئيسية لهذا المرسوم، الذي أعد بالتشاور مع مختلف القطاعات الوزارية وبعض الفاعلين في القطاع الخاص حول النقاط التالية:
1. السلطة الوطنية لخدمات الثقة بشأن المعاملات الإلكترونية:
تعين المديرية العامة لأمن نظم المعلومات التابعة لإدارة الدفاع الوطني بموجب المرسوم بصفتها السلطة الوطنية لخدمات الثقة بشأن المعاملات الإلكترونية.
2. القواعد المطبقة على خدمات الثقة:
يحدد المرسوم لائحة المعطيات والمعلومات الواجب إدراجها في شهادات التوقيع الإلكتروني أو الخاتم الإلكتروني المؤهلة، أو خدمات الثقة الأخرى المسلمة من مقدم خدمات ثقة معتمد، كما حرص على التنصيص على بعض الأحكام المطبقة على خدمة الإرسال الإلكتروني المضمون.
3. شهادات المطابقة لآليات إنشاء التوقيع الإلكتروني أو الخاتم الإلكتروني:
وفقا لأحكام القانون رقم 20-43، يقصد بآلية إنشاء التوقيع الإلكتروني أو الخاتم الإلكتروني المؤهلة كل آلية مصادق عليها بشهادة مطابقة مسلمة من طرف السلطة الوطنية والتي تضمن مطابقة الآلية المعنية للمتطلبات التقنية والأمنية المنصوص عليها في القانون السالف الذكر رقم 20-43. وفي هذا السياق، يحدد المرسوم مكونات ملف طلب شهادة المطابقة وكذا كيفيات إيداعه لدى المديرية العامة لأمن نظم المعلومات، كما يحدد أيضا مدة صلاحية الشهادة والأحكام المطبقة على تجديدها أو توقيف العمل بها مؤقتا.
4. النظم المتعلقة بتصريح واعتماد مقدمي خدمات الثقة:
يؤكد المرسوم على ضرورة تطوير منظومة فعالة لمقدمي خدمات الثقة عبر رفع عدد الفاعلين وتشجيع الابتكار، ولهذا الغرض، ينص هذا المرسوم على أن كل مقدم خدمات ثقة يرغب في الحصول على الاعتماد، يجب أن يوجه طلبه إلى المديرية العامة لأمن نظم المعلومات. كما يحدد محتوى الملف الذي يجب تقديمه للحصول على الاعتماد من طرف السلطة الوطنية. ولمنح الاعتماد، يخضع مقدم خدمات الثقة طالب الاعتماد إلى مراقبة مطابقة خدمات الثقة المعنية، إلى أحكام القانون رقم 20-43 والنصوص المتخذة لتطبيقه وكذا قواعد الأمن المحددة في مراجع المتطلبات المطبقة على خدمات الثقة المذكورة. وفيما يتعلق بنظام التصريح الخاص بمقدمي الخدمات التي لا تدخل ضمن خانة خدمات الثقة المؤهلة، يحدد المرسوم أيضًا محتوى الملفات التي يجب إرسالها لاستكمال إجراءات التصريح.
5. وسائل وخدمات التشفير وتحليل الشفرات:
يميز القانون رقم 20-43 بين نظامي التصريح المسبق أو الترخيص اللذان يخضع لهما استيراد وسائل التشفير وتحليل الشفرات أو تصديرها أو توريدها، وكذا تقديم خدمات التشفير وتحليل الشفرات، وتحقيقا لهذه الغاية، يحدد المرسوم، في كلتا الحالتين، محتوى الملفات المقدمة وكيفيات إيداعها، كما يحدد لائحة بأنواع هذه الوسائل والخدمات المعفاة من أي تصريح مسبق أو ترخيص. وأخيرًا، تجدر الإشارة إلى أن كيفيات تطبيق المادتين 78 و79 من القانون رقم 20-43 المتعلقتين بالضمانات الشخصية والعينية وبالحقوق العينية ستحدد بقرارات للسلطات الحكومية المختصة.
للتبليغ عن المحتويات الرقمية الإجرامية أوالعنيفة، أو تلك التي تتضمن تحريضا على المساس بسلامة الأفراد والجماعات، أو تنطوي على إشادة بالإرهاب أوالتحريض عليه، أو تمس بحقوق وحريات الأطفال. يرجى استعمال منصة التبليغ الرقمي التالية : www.e-blagh.ma
DGSSI2024 All rights reserved